U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان 1443

خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان 1443

خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان 1443 بعنوان وداع رمضان  وزكاة الفطر وأحكام عيد الفطر


خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان

وداع رمضان وزكاة الفطر

الخطبة الأولى:

الحمد لله المبدئِ المعيدِ، الفعَّالِ لِمَا يريد، يُكوِّر الليلَ على النهار، ويُكوِّر النهارَ على الليل، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ربُّ الأرض والسموات وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، خير مَنْ صلَّى وقام، وأفضل مَنْ أناب إليه واستغفَرَهُ من الذنوب والآثام، دعا أُمَّتَه إلى اغتنام شهر الصيام والقيام، وحذَّرَها من التفريط فيه، والكسل عن بلوغ المرام، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغُرِّ الميامينِ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، ما تعاقَب الليلُ والنهارُ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا..

أيها المؤمنون : أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتَّقُوا الله كما أمرَكم؛ وبادِروا بالأعمال قبل فواتها، فاليومَ عملٌ ولا حسابٌ، وغدًا حسابٌ ولا عملٌ، ،قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).... (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً  وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء1) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) الأحزاب(70، 71)  أمّا بعد، فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المؤمنون عباد الله: المرءُ قويٌّ بتقواه، غنيٌّ بقناعته، كبيرٌ بتواضُعه، عالٍ بأخلاقه، وأمران ينفعان: سماحةُ النفس وحُسن الخُلق، وأمران يرفَعان: التواضُع وقضاءُ الحوائِج، وأمران للبلاء يدفَعان: الصدقُ وصِلةُ الرحِم. (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [التغابن: 16].

معشر المسلمين : لقد عاش المسلمون مع شهرهم هذا أيامًا فاضلةً، ولياليَ مباركاتٍ، بين مُقِلٍّ منها للحسنات ومُكثِرٍ، إن شهر المغفرة والعتق من النيران، مرُّ سريعًا كمر السحاب؛ فهنيئًا لمن رَبِحَ البيعَ، فظفر بالقبول والغفران، وخيبةً لمن خَسِرَهُ، بعد أن باء بالخذلان والحرمان. إنَّ شهر رمضان قد تصرَّمت أيامُه ولياليه الفاضلةُ، فهو وَحِيُّ التقضيِّ، سريعُ الأفولِ، وإنَّ لِلَحَظَاتِ فراقِه ووداعِه ،غصةً تَشرَق منها حلوقُ المخبتينَ، وتدمعُ لها عيونُ القانتينَ، وتحزَنُ لها قلوبُ التائبينَ، ما أسرعَ مُرورَ الأيام وتعاقُبَها، وانقِضاءَ السنين وتلاحُقها! وابنُ آدم يُنذِرهُ يومُه وأمسُه، ويتعاقَبُ عليه بالعِبَر قمرُه وشمسُه!! أين من كان معكم في العام الماضي؟! أصابَتهم سِهام المَنون ، ها هو الشهرُ الكريم قد آذَن بالارتِحال، ولم يبقَ منه إلا بِضعُ ليال .. وهكذا هي الأيامُ تُفنَى، والأعمارُ تُطوَى، ولا يبقَى إلا وجههُ ذي العزَّة والجلال. فاغتنِموا - رحمكم الله – خواتم شهركم المبارك،. فرحِمَ الله عبدًا فكَّر واعتبَر، واستبصَرَ فأبصَر، ونهَى النفسَ عن الهوى، وبادِروا بصالِح الأعمال قبل حُلول الآجال. شهرُ كريمٌ مُبارَك مرُّ سريعًا ، ما أطيبَ المُناجاةَ فيه في جوفِ الليل وعند السَّحَر، وما ألذَّ انشِغالَ القلوب فيه في تدبُّر الآيات وترتيل السور، وما أجملَ عِمارةَ المساجِد بالصلوات والتلاوات والذكر والمحامِد، مُنافسةً في المتجَر الرَّبيح، في الصدقات، والاعتِكاف، والتراويح. هل تأمَّلتُم من هو المُوفَّق الذي قام بحقوق هذا الشهر، وأحسن الاجتهادَ فيه، وأخلصَ لله في سِرِّه وعلَنِه؟! كرَّمهُ ربُّهُ، فقرَّبَهُ من بابِه، وشغلَه بذكرِه وتلاوةِ كتابِه.

معاشر المسلمين : لقد وصَف الله شهرَ رمضانَ بأيام معدودات إشارةً إلى قِصَر مدتِه وسرعةِ فواتِه، لكنَّ هذه الأيام القليلة تحمِل في طياتها أجورًا عظيمةً لا تُحَدّ، فإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعْف، فإنَّ الصومَ يفوق تلك المضاعفةَ، كيف لا وقد أوكَل اللهُ أجرَه إلى نفسه؛ ففي الصحيح أن النبي  - صلى الله عليه وسلم- قال: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعَف، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سبعمائة ضِعفٍ. قال الله -عز وجل-: إلَّا الصومَ؛ فإنه لي، وأنا أجزي به". فالمرءُ الموفَّقُ -عباد الله- هو مَنْ بادَر قبل الفوات، وجعَل التوبةَ مسكَ ختامِه؛ فإن الأعمال بالخواتيم، والتوبة تَجُبُّ ما قبلَها، وأنه ما انكسر مَنْ تاب، وما خاب مَنْ أناب؛ (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)[هُودٍ: 114]، ليس للمؤمن إلا الساعةُ التي هو فيها، فليأخُذْ من صحته لمرضه، ومن حياته لموته؛ إذ ما هو في الدنيا إلا كغريبٍ أو عابرِ سبيلٍ (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا)[الْفُرْقَانِ: 71].

أيها المؤمنون عباد الله : أن من علامات التوفيق والقبول: عزمُ النفس على المُداومة على العمل الصالح، واختيارُ الرُّفقة الصالحة ومُجالستهم، رُفقةٌ على الخير يُعينون، وعن الشرِّ يُبعِدون، وإلى الحقِّ يُقرِّبون، (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28]. رُفقةٌ صالِحةٌ، وجُلساءُ أخيار يدلُّون على الحقِّ، ويُعينون عليه، ويُساعِدون على سُلوك مسالِك الصلاح. - يا عبد الله - وأنت في خواتيم هذا الشهر ووداعه، وقد وفَّقك الله لهذه الصُّحبة المُبارَكة، وجُلساء الأخيار، لا تغفَل عن مجالسِ الذكر، والثبات على الطاعة، والمُداومة عليها، والاستِكثار من القُرُبات، ولُزوم الاستِغفار، وأحبُّ الأعمال إلى الله أدوَمُه وإن قلَّ، والله لم يجعَل لعملِ المُؤمن أجلاً دون الموت، (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]. عبد الله -: رحِم الله إمرئاً بادرَ للاستِدراك في باقِي أيامه وساعاته، وندِم على ما سلفَ من إضاعاته، وعوَّض بحُسن العمل وطاعاته. فتيقَّظ - حفِظك الله -، وانظُر بين يدَيك، واجعَل أمرَ الآخرة بين عينَيك: هل شهرُك يشهَدُ لك أو يشهَدُ عليك؟! ألَا بئسَ القومُ لا يعرفون اللهَ في رمضان، وبئس القومُ لا يعرفون اللهَ إلَّا في رمضان، ونِعْمَ القومُ الذين عَرَفُوا اللهَ في كل حين وآنٍ، يعبدون اللهَ قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ، ويجعلون مواسمَ الخيرات لهم مربحًا ومغنمًا، وأوقاتِ البركاتِ والنفحاتِ لهم إلى رحمةِ ربِّهم، طريقًا وسُلَّمًا .

معاشر المسلمين : اعلموا – رحمكم الله- إن مما يُعينُ على التوديعِ وحُسن الخِتام : أداءَ صدقة الفِطر وأن الله قد فرض عليكم زكاة الفطر طهرة لكم، وشكرًا لخالقكم، فأَدُّوها كما افتُرضت عليكم، فهي واجبةٌ على الذِّكر والأنثى والصغير والكبير وعمَّن تقومون بنفقته، وصدقةُ الفطرِ تكون ممَّا يَطعَم الناسُ، يُخرِجها المُسلمُ من غالبِ قُوت البلد؛ تمرًا، أو بُرًّا، أو شعيرًا، أو غيرَها من الحبوب التي يقتاتُها أهلُ البلد، ومقدارُها صاعٌ عن كل مُسلم. أمّا من حيث الوزن؛ فالجمهور من شافعية ومالكية وحنابلة قدّروه ب(2 كيلوغرام و175غراماً)، وقدّره الحنفية ب(3كيلو جرام و296 غراماً)، وقدَّرته اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية ب(3 كيلوغرامات) تقريباً، وهو الرأي نفسه الذي قال به ابن باز، وقدّرها ابن عثيمين ب(2 كيلوغرام و200 غرام) . وهي صدقةٌ تُدفعُ للفقراء والمساكين، ويبدأ وقتُ إخراجها من ليلةِ العيد إلى قبل الخروج إلى صلاة العيد، ولو قدَّمها قبل ذلك بيومٍ أو يومين أجزأَه،. وهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرَّفَث، وطُعمةٌ للمساكين، وشُكرٌ لله على إكمال الصيام، فأدُّوها - رحمكم الله - على الوجه المشرُوع، طيبةً بها نفوسُكم، تُغنون بها الفقراءَ عن السؤال لذاك اليوم.

ايها المؤمنون عباد الله : إن رمضان مدرسة عظيمة يتعلم فيها المسلم كلَ خلق كريم ، و يتجنب كل خلق سيء ذميم ، فيخرجُ الموفق من هذا لشهر كاملا في الخير ،  فإن من حكم الصيام تحصيل التقوى فمن حصل التقوى من صيامه فليبشر بالخير ومن خرج من هذا الشهر الكريم كما دخل فيه فإنه في أعداد المخذولين أعاذنا الله وإياكم من ذلك، ومن العبادات التي يتخرجُ بها العبد المؤمن في هذا الشهر العظيم محبة الصوم ومعرفة فضله وأنه يصفي النفوس ويسهل الطاعة ويحط الخطايا ، ومنها كذلك كثرة ذكر لله عز وجل فلا ترى في هذا الشهر إلا داعيا أو ذاكراً ،وإن من جملة العبادات التي تقرب بها الصالحون إلى ربهم في هذا الشهر الكريم، المحافظة على صلاة الجماعة فإننا قد رأينا الكثير على الصلاة جماعة والتبكير إليها ، والمكث في المساجد وقد ظهرت على محياها أنوار الطاعة جاءوا إلى المساجد بعد أن هجروها، أيها المؤمنون : إن من القبح أن نرى المسلم أن يهجر الطاعات بعد رمضان، فالمساجد تهجر من كثير ممن كان يصلي في رمضان، والقرآن يهجر حتى رمضان الآخر وقيام الليل والصيام والصدقة كلها تهجر، لم كل هذا يا عبد الله : أفليسى رب رمضان هو رب بقية الشهور، أوليست أعمالك تعرض علي ربك صباح مساء وهو الذي لاتخفى عليه خافية . أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم  لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، الحمدُ لله الصادقِ في القِيل، الهادِي إلى الحقِّ بالحُجَّة والدليل، أحمدُه - سبحانه  وأشكرُه على إنعامِه الوافِر وفضلِه الجَزيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو حسبِي ونِعمَ الوكيل. وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه المُؤيَّدُ بمُعجِزات التنزيل، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِه الذين سارُوا على النَّهج واستقامُوا على السبيل، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

ها هو رمضان في تقويضِ خِيامه، فيا تُرى من سوف يُدرِكُه في القادم من الأعوامِ ؟! حقٌّ لهذا الشهر أن يُبكَى له وأن يُبكَى عليه؛ يبكِيه المؤمنُ لأن فيه تُفتحُ أبوابُ الجِنان، ويبكِيه المُقصِّر لأن فيه تُغلقُ أبوابُ النيران. ألا يُبكَى على وقتٍ تُصفَّدُ فيه الشياطين؟! فيا لوعةَ الخاشِعين على فِراقه، و يا حزن المُتقين على ذهابِه. شهِدَت ليالِيه قصص التائبين، وبُكاءَ المُذنِبين، ودموعَ القانتين، وقنوتَ المُتبتِّلين؛ من قائمٍ في المِحراب، وقارِئٍ للكتاب، ومُستغفِرٍ بالأسحار، ومُنفقٍ في الليل والنهار، كلُّهم يرجُوا رحمةَ ربِّهم ويخشَىون عذابَه، تأمَّلوا - رحمكم الله - في بعضِ المخذُولين ممن يُقابِلُ نعمةَ إدراك رمضان والتوفيق لصيامِه وقيامِه، ثم يرتكِبُ المعاصِي. ألا يخشَى أن يكون ممن بدَّل نعمةَ الله كُفرًا؟! مخذُولٌ من يُحدِّثُ نفسَه إذا خرجَ رمضان عصَى ربَّه، وعادَ إلى ما كان عليه من سُوء العمل. يقولُ ميمون بن مِهران: "لا خيرَ في الحياة إلا لتائِبٍ، أو رجلٍ يعملُ في الصالِحات، ومن عداهما فهو الخاسِر". الله أكبر عباد الله! رغِمَ أنفُ ثم رغِمَ أنفُ ثم رغِمَ أنفُ امرئٍ أدركَ رمضان فلم يُغفَر له، أين المُجِدُّ في شهره؟! .. وأين المُستعِدُّ ليوم حشرِه؟! .. وأين المُستدرِكُ لما فاتَ من نفَحَات دهره؟! .. يا تُرى هل تعودُ عليكم أيامُه أو لا تعود؟! ويا تُرى من هو المقبولُ ومن هو المردُود؟! ألا فاتَّقوا الله - رحمكم الله -، واعلَموا أن المُوفَّقين لا تزيدُهم مواسِمُ الخيرات إلا اجتهادًا في العبادات، وحِرصًا على الأعمال الصالِحات، فذا ما انقضَت المواسِمُ بقِيَت آثارُها في حياتهم وسُلوكِهم، يُتبِعون الحسنةَ الحسنة، و يدرؤون بالحسنة السيئة، (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: 22]. 

معشر المسلمين : اعلموا أن مما شرعه الله ختاماً لشهر الصيام، صلاة عيد الفطر، شكراً لله على أداء فريضة الصيام، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة وكان لأهلها يومان يلعبون فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)(رواه أبو داود). وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالخروج لصلاة العيد، والخروج لصلاة العيد إظهار لشعائر الإسلام، وعَلَمٌ من أعلامه الظاهرة، فاحرصوا على حضورها ـ رحمكم الله ـ فإنها من مكملات أحكام هذا الشهر المبارك،. عباد الله: احرصوا على صلة الرحم، وزيارة الجيران، والمرضى، ومن كان مقصراً في حق أقاربه فليجعل العيد مفتاح خير له ولغيره كي ينال بشرى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يبسط الله له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه)(رواه البخاري). عباد الله: احرصوا على صفاء القلوب من الحقد والحسد والبغضاء، وأقبلوا على الصفح والغفران فيما بينكم، فيوم العيد يوم عزيز على المسلمين ينبغي فيه أن نفرح جميعاً بفضل الله علينا، وليكن عهدنا مع الله دائماً على ما يرضيه، وأن نكثر من شكر نعمه علينا. فهنيئاً لمن ختم الله له بالقبول في ختام شهر رمضان، وحاز على مغفرة ذنوبه والعتق من النيران، ونال شهادة الكريم المنان بدخول الجنان. وليحرص كل منا على طاعة الله في سائر أيام حياته، فالخير كل الخير في لزوم طريق الاستقامة، فمن أحب الله، حرص على رضاه، واجتهد بكل وسعه على بلوغ فضله وجنته.ــ هذا وصلوا وسلموا على من أمرَكم الله بالصلاة والسلام عليه فقال - عزَّ مِن قائِلٍ -: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].وقال صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ» (رواه النسائي وصححه الألباني)  اللهم صَلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله، .  اللهُمَّ ارضَ عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلِيّ، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين. 

ـ اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واذل الكفرة والملحدين ــ اللهم ادفع عنا الغلاء والوبأ ،والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن ــ اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء ــ اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل ــ اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، ــ اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من الهالكين ، اللهم سقيا رحمه لا سقيا عذاب اللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، اللهم أعِد علينا رمضان أعوامًا عديدة، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، عباد الله  (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ النحل:(90) فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون . 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة