U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة من المسجد النبوي 14 رمضان 1443

خطبة الجمعة من المسجد النبوي 14 رمضان 1443

ألقى فضيلة الشيخ / حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ من منبر المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة خطبة الجمعة 14 رمضان 1443 بعنوان تجليات الرحيم الرحمن في آيات القران تحدث فضيلتة فيها عن أفضل العبادات في رمضان تلاوة القرآن وبعض المقاصد العظيمة لتلاوة القرآن الكريم ومن تجليات الله تعالى في القرآن الكريم والصوم مدرسة لتهذيب النفوس أكتب ما جاء فيها ...

صورة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ وهو في المنبر

عوان الخطبة تجليات الرحيم الرحمن في آيات القرآن

الخطبة الأولى: 


الحمد لله الحليم العظيم، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، رب العرش الكريم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، -عليه أفضل الصلاة والتسليم-.

أما بعدُ، فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-.

تنصَّف الشهر والهفاهُ وانهَدَمَا *** واختُصَّ بالفوز بالجنَّات مَنْ خدَمَا

وأصبح الغافل المسكين منكسِرًا *** مثلي فيا ويحَه يا عُظمَ ما حُرِمَا

مَنْ فاته الزرعُ وقتَ البذارِ فما *** تراه يحصدُ إلا الهمَّ والندمَا

طُوبى لمن كانت التقوى بضاعتَه *** في شهره وبحبلِ اللهِ معتصِمَا

أيها المسلمون: شهر رمضان شهر الصيام والقيام، والصدقة والجود والإحسان، شهر الذِّكْر والدعاء وتلاوة القرآن.

عبادَ اللهِ: أعظمُ العبادات وأفضلها لاسيما في رمضان تلاوة كلام الرحمن، بتدبُّر وتذكر وتعقل، قال الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 183]، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجودَ الناس بالخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيُدارِسه القرآنَ، فلَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير من الريح المرسَلة"(متفق عليه).

مَعاشِرَ المسلمينَ: من أعظم مقاصد القرآن الاتعاظ بمعانيه ودلالاته، والعمل بأوامره وتوجيهاته، والوقوف عند حدوده، والوصول إلى تعظيم المتكلِّم به -سبحانه-، وتحقيق التوحيد له -عز شأنه-، وإن العبد لَفي ضرورة قصوى إلى أن يتعرف على خالقه وإلهه، من منطلق ما عرفه به -جل وعلا- نفسه، في كلامه؛ لَيُثمِر ذلك للعبد المعاني الجليلة، من تعظيم ربه، والقيام بحقوقه على أكمل وجه وأتمه.

عبادَ اللهِ: إن القرآن وهو كلام الله -جل وعلا-، قد تجلى الله فيه لعباده، بصفاته العظمى، وأسمائه الحسنى، فتارةً يتجلَّى -سبحانه- بصفات الهيبة والعظمة والجلال، حينئذ تخضع الأعناقُ، وتنكسر النفوسُ، وتخشع الأصواتُ، ويذوب الكبرُ في النفوس، كما يذوب الملح في الماء، وتارة يتجلى -عز شأنه- في صفات الجمال والكمال، وهو كمال الأسماء وجَمال الصفات وجَمال الأفعال، الدالَّة على كمال الذات، فيستنفد حبه حينئذ من قلب العبد قوة الحب كلها، بحسب ما عَرَفَ من صفات جَماله، ونعوت كماله، فيصبح فؤادُ عبده فارغًا، إلَّا من محبته -جل وعلا-، فإذا أراد منه الغيرُ أن يعلِّق تلك المحبةَ به أبى قلبُه، وأحشاؤه، كلَّ الإباء، فتبقى المحبةُ له -سبحانه- حينئذ طبعًا لا تكلُّفًا، وتارةً يتجلى -تبارك وتعالى- بصفات الرحمة والبر واللطف والإحسان، فتنبعث من النفس قوةُ الرجاء، وينبسط العملُ، ويقوى طبعُه؛ أي يقوى طبع العبد، ويقوى طمعه، ويسير حينئذ إلى ربه، وحادي الرجا يحدو ركابَ سيره، وكلما قَوِيَ الرجاءُ حينئذ جدَّ العبدُ في العمل، وتارةً يتجلى -جل في علاه- بصفات العدل والانتقام والغضب والعقوبة والسخط، فتنقمع النفس الأمارة بالسوء، وتبطل أو تضعف قواها في الشهوة المحرمة، والحرص على المحرمات، وتنقبض النفس وتحضر حظها من الخوف والخشية والحذر من عقوبة الخالق -سبحانه-.

وفي آيات أخرى يتجلَّى ربنا -تبارك وتعالى- بصفات الأمر والنهي والعهد والوصية، وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وشَرْع الشرائع، فتنبعث من النفوس قوة الامتثال والتنفيذ، لأوامره والتبليغ لها، والتواصي بها وذكرها وتذكرها، والتصديق بالخبر، والامتثال للطلب، والاجتناب للنهي.

وفي آيات أخرى يتجلَّى الخالق -سبحانه- لعباده بصفات السمع والبصر والعلم، فتنبعث من العبد قوةُ الحياء، فيستحي حينئذ من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يُخفي العبدُ في سريرته ما يمقُتُه عليه ربُّه، فتبقى حينئذ حركات العبد وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع.

وفي آيات أخرى يتجلَّى العظيمُ بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد، وسَوْق أرزاقهم إليهم، ودَفْع المصائب عنهم، ونُصرته لأوليائه، وحمايته لهم، ومعيته الخاصة بهم، فتنبعث من العبد حينئذ قوةُ التوكل على الله -جل وعلا-، والتفويض إليه، والرضا به في كل ما يُجريه على عبده، ويُقيمه فيه، مما يرضى به -سبحانه وتعالى-؛ فالتوكل معنى يلتئم مِنْ عِلْم العبدِ بكفايةِ اللهِ -جل وعلا-، وحُسْن اختياره لعبده، وثقته به ورضاه بما يفعله به، ويختاره له.

ألَا فحرِّكوا بهذا القرآن العظيم قلوبَكم، وعظِّموا به خالقَكم، وزكُّوا به جوارحكم، وهذِّبوا به أخلاقكم، واجعلوه في حياتكم، كالروح للجسد، والماء العذب الطيِّب للعطشان، اتخِذُوه نورًا يضيء طريقكم، قال جرير بن عبد الله: "أوصيكم بتقوى الله، وأوصيكم بالقرآن؛ فإنه نور بالليل المظلِم، وهدى بالنهار".

فيا أيها المسلم: اقرأ كلامَ ربِّك وقلبُك فارغٌ من كل شيء إلا من الله -جل وعلا-، ومحبته وتعظيمه والانكسار إليه، والرغبة في فهم كلامه؛ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق: 37]، قال سليمان الخواص: "قلت لنفسي: اقرأ القرآن كأنك سمعته من الله -جل وعلا- حين تكلم به فجاءت حلاوته".

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما فيه من الهدى والفرقان، أقول ما تسمعون، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وليّ الصالحين، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وصحبه أجمعينَ.

أما بعدُ، فيا أيها الناسُ: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فبها الفلاح والفوز والنجاة.

إن هذا الشهر -أيها المسلمون- مدرسة للتربية على تهذيب الأخلاق الفُضلى، والشمائل العليا، والصفات الحسنى، فَكُنْ -أيها المسلمُ- في هذا الشهر وفي حياتك كلها في قمة الطِّيب والحُسْن قولًا وعملًا وتعاملًا، فإن من مقاصد الصوم أن يتقي العبدُ الفحشَ والأذى، وينهى بنفسه عن الإضرار بالآخَرين، وأن يبتعد عن كل خُلُق رديء مذموم، وعن كل تعامُل فظّ فاحش، قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم، فلا يصخَبْ ولا يَرْفُثْ، فَإِنْ سابَّه أحدٌ أو شاتَمه فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ"(متفق عليه)، وفي البخاري قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابَه , وأختتم فضيلتة تلك الخطبة بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء ..

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة