U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة الأولى من شهر رمضان 1443

خطبة الجمعة الأولى من شهر رمضان 1443

خطبة الجمعة 7 رمضان 1443 بعنوان شهر رمضان شهر الطاعات 


خطبة جمعة

شهر رمضان شهر الطاعات

الخطبة الأولى :ــ

الحمد لله ، الحمد لله على بلوغ رمضان، حمدًا يوافي نعمهُ وعطاياه، وأشكرهُ على ما أفاض من الخير وأسداه، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ،القائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:183]، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله، خير من صلى وصام، وأتقى وتهجد لله وقام، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، ما تعاقَب النور والظلام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

اوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل . فاتقوا اللهَ عبادَ الله، وكونوا بحبلِ الله معتصمين، وبكتابِه مستمسكين، وعليكم بالصبر والمصابرة، والجِدِّ والمثابرة ، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).... (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء1) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) الأحزاب(70، 71) . أما بعد: فإن خيرَ الحديثِ كلامُ اللهِ، واحسن الهدى، هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعه، وكل بدعة ضلاله، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله واياكم من البدع والضلالات والنار .

أيها المؤمنون  عباد الله : 

طاعةُ اللهِ خيرُ مغنَمٍ ومكسَبٍ، ورضاه خير ربح ومطلب، والجنة حفت بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)[آلِ عِمْرَانَ: 185].  تقبَّل اللهُ طاعتَكم، وأصلَح حالَكم، ووفَّقَكم لصيام والقيام  بهذا الشهر المبارك، وكتَب لكم الثباتَ على طاعته، في هذا الشهر وسائرَ أيامِ الدهرِ. إن غايةَ خلق ِالإنسان أن يعبد خالقهُ - جل جلاله-، وعلى مدار العبادة ينبغي أن تقوم حياة العبد كُلها لله تبارك وتعالى ؛ قال عز وجل (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 162-163]، وقد فطَر الله - سبحانه- بني آدم على عبادته؛ فقال (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا)[الْأَعْرَافِ: 172]، فعبادةُ اللهِ  أشرفُ المقامات، وأسمى المبتغَيات ، أن شهرُ رمضانُ، شهرُ عبادةٍ وتوبةٍ، وتقرُّبٍ وأوبةٍ، شهرُ توبةٍ ورجوعٍ، وإخلاصٍ وخشوعٍ، وسجودٍ وركوعٍ، شهرُ صيامٍ وقيامٍ، شهرُ برٍّ وإحسانٍ، وتلاوةٍ للقرآنِ. فالصَّومُ مِن أفضلِ القُرُبات، وأجَلِّ الطاعات، وأعظمِ المَثُوبات، وهو عبادةُ الصابِرين، وزادُ المُتَّقين، وذُخرٌ للفائِزِين، أجرُه كبيرٌ، وخَيرُه كثيرٌ، ونَفعُه ليس له نَظيرٌ، شِفاءٌ للأسقام، وصِحَّةٌ وقُوَّةٌ ودواءٌ للنُّفوسِ والأجسَام ، وفَوقَ هذا طاعةٌ للربِّ، ومغفِرةٌ للذنبِ، فصُومُوا رمضان وصُونُوه، واتَّقُوا اللهَ واعلَمُوا أنَّكم مُلاقُوه . شرَعَ اللهُ صومَ رمضان، وفرَضَه عليكم لا للجُوع والعطَش، ولا للظَّمأ والنَّصَب، ولكن (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)؛ فالتقوَى غايَةٌ مطلُوبةٌ، و« رُبَّ صائِمٍ ليس له مِن صَومِه إلا الجُوعُ والعطَشُ، وقائِمٍ ليس له مِن قيامِه إلا التَّعَبُ والسَّهَر»، و« مَن لم يَدَع قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةً في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه ».« والصَّومُ جُنَّةٌ، فإذا كان يومُ صَومِ أحدِكم فلا يرفُث ولا يَصخَب، فإن سابَه أحدٌ أو قاتَلَه فليَقُل: إنِّي امرُؤٌ صائِمٌ». 

معاشرَ المسلمينَ: 

إنَّ اللهَ قد أنزَل القرآنَ في شهر رمضان قال الله عز وجل : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[الْبَقَرَةِ: 185]، فقراءةُ القرآنِ في شهر نزولِه من أفضلِ القُرُباتِ، نفرح برمضان؛ لِمَا فيه من أسباب الفوز بالجِنان، والنجاةِ من النيران، نفرح برمضان؛ لأنه شهرُ مُدارَسةِ القرآنِ، والتعلقِ به علمًا وعملًا، وتلاوةً وتدبُّرًا، فما سعدتِ القلوبُ ولا ابتهجَتْ، ولا اطمأنَّتْ وسَكَنَتْ، بمثلِ ذِكرِ اللهِ وعبادته، قال الله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرَّعْدِ: 28]. ونبُّينا - صلى الله عليه وسلم-، كان يُدارِسهُ جبريلَ القرآنَ، في كل ليلة من ليالي رمضان، ففي الصحيحين، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"؛ لذلك كان السلف الكرام، يُكثِرون مِنْ خَتمِ القرآنِ، فإذا جاء رمضانُ، زادوا في الخَتْمات؛ لشرفِ الزمانِ، فشهرُ رمضانَ، شهرُ التلاوةِ والتدبُّرِ، والقراءةِ والتفكُّرِ،  وفَهْم كلام الرحمن، آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ. فالسعادة والطمأنينة في تعظيمِ كتابِ اللهِ وتلاوتِه، والرجوعِ إليه واتباعِ هَديِه، والشقاءُ في الإعراض عنه وهجره،. فعليكم -عبادَ اللهِ- بقراءة القرآن، عليكم بقراءة القرآن، رَتِّلُوهُ وجَوِّدُوهُ، تفهَّمُوا معانِيَه وتدبَّرُوه، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حرفًا من كتاب الله فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول: الم حرف، ولكِنْ أَلِفٌ حرفٌ، ولَامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ"(رواه الترمذيُّ وصحَّحَه)، وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يقال لقارئِ القرآنِ يومَ القيامةِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كما كنتَ تُرَتِّلُ في الدنيا؛ فإنَّ منزلَتَكَ عندَ آخِرِ آيةٍ تقرؤها"(رواه الترمذي)، فاقرؤوا القرآنَ -عبادَ الله- ولا تهجروه، إيَّاكم ومقاطعةَ القرآن، إيَّاكم ونسيانَ القرآن؛ فإن ذلك حسرةٌ وندامةٌ، وانتكاسٌ ومَلامَةٌ، القرآنُ أعظمُ ذِكْرٍ لله -عز وجل-، وتركُ قراءتِه هجرٌ له وإعراضٌ عنه، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)[طه: 124-126] . وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم، يحرصون على قراءةِ القرآنِ وسماعِه وتدبُّرِه، ولهم أورادٌ يوميةٌ لا يَفْتُرُونَ عنها، خصوصًا في هذا الشهر وغيرة، فاحرِصوا رحمكم الله على كثرة تلاوته، ولا تُزَاحِمْهُ بالمسلسلات الهابطة والبرامجُ الملهيةُ.

معاشر المسلمين :

 وأنتُم في هذه الظروف التَمِسُوا الدواءَ والاستشفاءَ بقراءةِ القرآنِ؛ فإنه شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنينَ، اعتَكِفوا عليه في بيوتكم وفي خلواتكم و جلواتكم، اقرؤوه واسمَعُوه في سائر أوقاتكم، ومَنْ شَقَّ أو تعذَّر عليه قراءةُ القرآن، فليستمِعْ إلى قراءتِه وتلاوتِه؛ عبر الاجهزة الحديثة ،فإن المستمعَ شريكٌ للقارئ في الأجر والثواب، واللهُ يقولُ: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الْأَعْرَافِ: 204]. عباد الله: حاسِبوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبوا، وَزِنُوا أعمالَكم قبلَ أن تُوزَنَ، وقبل أن يُنادَى عليكم، "إنَّما هي أعمالُكم أُحصِيها لكم، ثم أُوَفِّيكم إيَّاها، فمَنْ وَجَدَ خيرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، ومَنْ وَجَدَ غيرَ ذلك فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَه"، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزَّلْزَلَةِ: 7-8]. 

إخوة الاسلام : 

اتعظوا وتفكروا يا رعاكم الله كم من أناس صاموا معنا رمضان الماضي، أكلوا فيه وشربوا، ولبسوا الجديدَ وتنعَّموا، ثم حلَّ بهم الأجَلُ، فداهَمَهُم هادمُ اللذات، وقاطعُ الشهوات، ففارَقُوا الأحبابَ، وتوسَّدُوا الترابَ، ونحن كذلك سائرونَ على الأثر، ولو سَلِمَ من الموت أحدٌ، لَسَلِمَ منه سيدُ البشرِ؛ صلى الله عليه وسلم  قال الله عز وجل (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 34]، أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، أن يمنَّ علينا أجمعين بتعظيم القرآن، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلهُ وخاصته، وان يوفقنا للصيام والقيام وسائر الطاعات .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 185-186].

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفِر اللهَ لي ولك من كل ذنب وخطيئة، ،فاستغفِرُوه وتوبوا اليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية : ــ

الحمد لله ،الحمد لله على توفيقه وإحسانه، والشكر له على وافر عطائه وامتنانه، الحمد لله الذي هدانا للإسلام، أشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، صاحبُ النهجِ الرشيدِ، والخُلُقِ العظيمِ، اللهم صلِّ ، على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، صلاةً دائمةً إلى يوم الوعيد. 

ايها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله في السر والعلن، والزموا القرآن والسُّنَن، وذرُوا الفواحش ما ظهَر منها وما بطَن، واحذروا الشهوات والشبهات وأسباب الفتن، لعل الله أن يردَّ عنكم البلاء والمحن. 

عباد الله : إن الله قد خص شهركم هذا المبارك، وجعَلهُ ركنُ من أركان الدين، تبادَلوا التهنئة بشهركم هذا، فإنها تزيد المودة، وتوثِّق الإخاء والمحبة، وتراحموا فيما بينكم، إرحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء، هذا شهر القرآن، شهر العفو والصفح والمسامَحة، فمن أراد من الله العفو والمغفرة، فليعفُ وليصفَحْ عن الناس؛ فإن الجزاء من جنس العمل، قال تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)[النُّورِ: 22]، فاعفوا عمَّن ظلَم، وتجاوزوا عمن أساء، هذا شهر بِر وإحسان، فأحسِنوا كما أحسَن الله إليكم، (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 148]، هذا شهر الصلة والمودة، فصِلُوا مَنْ قطَعَكم، وأعطُوا مَنْ حرَمَكم، هذا شهر كريم، فاستوصوا بضعفائكم خيرًا، وأحسِنوا إلى فقرائكم، واتقوا الله وأصلِحوا ذاتَ بينكم، وجدِّدوا علاقة المحبة والألفة بينَكم، فلا يؤمِن أحدُكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. 

معاشر المسلمين: إن الله اصطفى لكم الإسلام فلا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون، فاحرِصوا على أساسه وأركانه، فقد بُني على خمس: "شهادة ألَّا إلهَ إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت"، احرِصوا على الإيمان؛ فهو الأساس والمبنى،، وهو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخِر، وبالقَدَر خيره وشره. احرصوا على مراقَبة الله في كل زمان ومكان؛ فهي حقيقة الإحسان؛ أن تَعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراكَ. 

عبادَ الله: شُدُّو المِئزَرَ، وإيَّاكم والتسويف، فهي أيامٌ معدُودة، وساعاتٌ محدُودة، لا مجالَ فيها للهوِ واللَّعِب، ولا مجالَ فيها للكسَلِ والخُمُول، ولا مجالَ فيها للمعاصِي والسيِّئات؛ فالأعمالُ مُضاعفَة، فعناءُ الطاعة يَفنَى، ويذهَبُ التَّعبُ والنَّصَبُ، وتبقَى لذَّتُها في الحياة، وأجرُها في الآخرة كنزٌ وذُخرٌ، ولذَّةُ المعصِيةِ تفُوتُ وتنتَهِي، ويبقَى شقاؤُها مدَى الدَّهر، وعناؤُها طُول العُمر، وفي الآخرة عِقابٌ وخُسرٌ. فأرُوا اللهَ مِن أنفسِكم خيرًا؛ فإن الشقِيَّ مَن حُرِم فيه رحمةَ لله. فيا أيها الصائمون، هذه هي أيام الخير ومواسم البذل، فاستَبِقوا الخيراتِ، واعمُروا أوقاتَكم بالقُرُبات، وتزوَّدوا من الطاعات، وأخلِصوا فيها لربكم، وحقِّقُوا فيها المتابَعة لرسولكم، ... هذا وصلوا وسلموا على من أمرَكم الله بالصلاة والسلام عليه فقال - عزَّ مِن قائِلٍ : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمدٍ،. وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعينَ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوكَ وكرمكَ وجودكَ يا أرحم الراحمين.

ــ اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًا، وسائرَ بلاد المسلمين اللهم يا حيُّ يا قيوم برحمتك نستغيث، أَصْلِحْ لنا شأنَنا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوء فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه 

ــ اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها،

ــ اللهم ادفع عنا الغلاء والوبأ والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن. 

ــ اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء. 

ــ اللهم إنَّا نسألك من الخير كلِّه، عاجِلِه وآجِلِه، ما عَلِمْنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بكَ من الشرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه، ما عَلِمْنا منه وما لم نعلم .

ــ  اللهم إنَّا نسألكَ الجنةَ وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ اللهم بكَ من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ. 

ــ اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من الهالكين ، الله سقيا رحمه لا سقيا عذاب 

اللهم أعِنَّا على الصِّيام والقِيام، اللهم أعِنَّا فيه على الصِّيام والقِيام، وقراءة القرآن، وتقبَّله منَّا يا رب العالمين

... (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، عباد الله ان الله يأمركم بثلاث وينهاكم عن ثلاث (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ النحل:(90) فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون ..

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة