U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة الثانية من شهر شوال1443

خطبة الجمعة الثانية من شهر شوال1443 

خطبة الجمعة الثانية 12 شوال 1443 بعنوان الثبات على الطاعات بعد رمضان


خطبة الجمعة الثانية من شوال

الثبات على الطاعات بعد رمضان

الخطبة الأولى:

إنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمدُهُ و نستعينُهُ و نستغفره . ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنَا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِ للهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضلِل فلا هادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلـهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ . شرَّفَنا بالقرآن، وتابَع علينا الإنعامَ والإحسانَ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُهُ وصَفِيُّهُ من خلقة وخليلهُ، ارسله اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، هادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذيرًا, صلى الله عليه وعلي آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا الى يوم الدين .

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل . فاتَّقوا الله باكتِسابِ الحسنات، وهَجر السيئات؛ فتلك الوسيلةُ إلى رِضوانِ الله - سبحانه - فمن اتَّقى اللهُ وقاه، ومن استتَر بستره ،ستَرَهُ وعافاه، وتقوى اللهِ أعظمُ وصيةٍ، وخيرُ لباسٍ وأكرمُ سجيةٍ؛ ، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102) (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 281]. أمّا بعد، فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

أُيها المؤمنون عباد الله: 

لقد كان سلفنا الصالح - رضي الله عنهم- يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ويخافون من رده وعدم قَبوله، قال فضالة بن عبيد - رضي الله عنه وأرضاه-: "لَأَنْ أعلَم أن الله تقبَّل مني ، مثقالَ حبة من خردل ، أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله - تعالى- يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[الْمَائِدَةِ: 27]". وفي سنن الترمذي أن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)[الْمُؤْمِنَونَ: 60]، قالت عائشة: أَهُمُ الذينَ يشربون الخمرَ ويسرقونَ؟ قال: لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ؛ ولكنهم الذين يصومون ويُصلُّون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألَّا تُقبَلَ منهم؛ (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[الْمُؤْمِنَونَ: 61]"، فأحسِنُوا الظنَّ بربكم واسألوه أن يتقبَّل منكم، وأن يغفر لكم ويرحمكم. وحريٌّ بالمؤمن بعدَ رمضان أن يُتابِع الإحسانَ بالإحسان، ويعيش دهرَه في رضا الرحمن، ولا يُعجَب أحدٌ بعمله، فحقُّ الربِّ عظيمٌ، ونِعَمُ اللهِ على العباد لا تُحصى، قال ابن القيِّم: "الرضا بالطاعة من رعونات النَّفْس وحماقتها، وأرباب العزائم والبصائر أشدُّ ما يكونون استغفارًا عقيبَ الطاعات؛ لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها، كما يليق بجلاله وكبريائه" انتهى كلامه - رحمه الله-. وفي صحيح الجامع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لو أن رجلًا يُجَرُّ على وجهه مِنْ يومِ وُلِدَ إلى يوم يموت هرمًا في مرضاة الله -عز وجل- لحقَّرَه يوم القيامة"؛ أي: لحقَّرَ هذا الرجلُ عملَه يومَ القيامة بجانب فضل الله وعطائه، وحقِّه على عباده.

معاشرَ المؤمنينَ:

 إنَّ من علامات الرضا والقَبول، إتباع الحسنة بالحسنة، والطاعة بالطاعة؛ (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا)[الشُّورَى: 23]، وهذه الحسنات، من الزاد الذي يدخرهُ المؤمنُ ليوم القيامة، ويرجو بفضل الله ورحمته ،أن يرجَح بها ميزانُه، فالمغبون، مَنْ مُحِقَ هذه الحسناتِ بما يجترحُه من السيئات، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتعوَّذ من الحور بعد الكور، أي الرجوع من الإيمان إلى الكفر أومن الطاعة إلى المعصية، ومَنْ نَقَضَ العهدَ بعد توكيدهُ أصبَح كالتي نقضَتْ غزلَها من بعد قوة فهدمَتْ ما بَنَتْ، وبدَّدت ما جمَعَتْ، والله -جل جلاله- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 33]، قال عمر - رضي الله عنه وأرضاه- يومًا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-: "فِيمَ ترون هذه الآيةَ نزلَتْ: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)[الْبَقَرَةِ: 266]؟ فقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: ضُرِبَتْ مثلًا لعمل. قال عمر: أيُّ عملٍ؟ قال ابن عباس: لعملٍ، قال عمرُ - رضي الله عنه وأرضاه-: لرجلٍ غَنِيٍّ يعمل بطاعة الله -عز وجل-، ثم بعَث اللهُ له الشيطانَ فعَمِلَ بالمعاصي حتى أغرَق أعمالَه"(رواه البخاري في صحيحه)؛ فالمداوَمة على الأعمال الصالحة وإن قلَّت هو دأب الصالحين، وهَدْيُ سيدِ المرسلينَ، فعن علقمة قال: "سألتُ أمَّ المؤمنينَ عائشةَ - رضي الله عنها وأرضاها- قال: قلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ، كيف كان عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ هل كان يخص شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، كان عمله ديمة"(رواه البخاري ومسلم).أي كل أعمله على المداومة

إخوة الإسلام :

 إن المداومة على الأعمال الصالحة، سببً لمحبة الله - تعالى- للعبد ورضاه عنه، وحصول المودة له من أهل الأرض والسموات؛ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)[مَرْيَمَ: 96]، وفي الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه، فإذا أحبَّه اللهُ -جل جلاله- دعا جبريل فقال: إني أُحِبُّ فلانًا فأحِبَّهُ. قال: فيُحِبُّه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأَحِبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، قال: ثم يُوضَعُ له القبولُ في الأرض"(رواه البخاري ومسلم). ومن بركات الاستمرار على العمل الصالح: الفوز بالجنة والنجاة من النار؛ ففي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال لبلالٍ عندَ صلاةِ الفجرِ: "يا بلالُ، حدِّثْني بأرجى عملٍ عملتَه في الإسلام؛ فإني سمعتُ دَفَّ نعليكَ بين يديَّ في الجنة. قال رضي الله عنه وأرضاه: ما عملتُ عملًا أرجى عندي، أني لم أتطهَّر طهورًا في ساعة ليل أو نهار، إلا صليتُ بذلك الطهور ما كُتِبَ لي أن أصلي". ومن ثمار المداومة على الأعمال الصالحة: أنها سبب لحُسْن الخاتمة؛ فمَنْ داوَم على شيء مات عليه، ومَنْ مات على شيء بُعِثَ عليه، وإنَّ مِنْ فضلِ اللهِ وكرمِه على عباده ،أنَّ مَنْ داوَمَ على عمل صالح، ثم عرَض له عذرٌ من مرض أو سفر، كُتِبَ له ما كان يعمل حالَ صحته وإقامته.

معشر المسلمين : إن من المداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان صيام ستة أيام من شوال؛ ففي صحيح مسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صامَ رمضانَ ثم أتبَعَه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"، وفي صيام الست من شوال جبرُ ما نقَص من صيام رمضان؛ ففي سنن الترمذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن أول ما يُحاسَب به العبدُ يومَ القيامة من عمله صلاتُه، فإن صلَحَتْ، فقد أفلَح وأنجَح، وإن فسدَتْ، فقد خاب وخَسِرَ، فإن انتقص من فريضتهُ شيء، قال الرب -عز وجل-: انظروا هل لعبدي مِنْ تطوُّعٍ؛ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك"؛ يعني الصيام والزكاة والحج، فيكمل نقص فريضة الصيام من نوافله، والزكاة من صدقاته، والحج من نوافل عُمَرِهِ وحجَّاته، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، فإن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلًا دون الموت، قال سبحانه: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الْحِجْرِ: 99]؛ فالشهور والأعوام والليالي والأيام، مقادير الآجال ومواقيت الأعمال، ثم تنقضي سريعًا، والذي أوجدها وخصها بالفضائل حيٌّ قيومٌ ولأعمال عباده شاهدٌ رقيبٌ، وكل وقت يُخلِيه العبدُ من طاعة مولاه فقد خَسِرَهُ، وكل ساعة يغفل فيها عن ذِكْر الله تكون عليه يوم القيامة ندامةً وحسرةً، ومن كان مقصِّرًا أو مفرِّطًا فلا شيء يحول بينه وبين التوبة ما لم يعاين الموت، قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله -تعالى- يقبل توبة عبده ما لم يغرغر"(رواه أحمد).

 أيها المؤمنون عباد الله :

 فأعمار هذه الأمة قصيرة، والله عوَّضَها بأعمال يسيرة في أزمنة فاضلة، أجورُها كبيرةٌ، والمسلم يبذُل جهدَه وعملَه في كلِّ حينٍ لعملِ الطاعاتِ، ويزيد ذلك في مواسم الخيرات، والموفَّق مَنْ يتزوَّد دومًا من الصالحات، مُوقِنًا بأنه سيموت في يومه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النَّحْلِ: 97]. بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإيَّاكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون وأستغفِر اللهَ لي ولكم من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه وتوبوا اليه ،إنه هو الغفور رحيم .

الخطبة الثانية:

الحمد لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، كما يحب ربُّنا ويرضى، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعدُ معاشرَ المؤمنينَ: 

لئن انتهى موسمُ الغفران والعتق من النيران، ففضلُ اللهِ عظيمٌ، وكرمُه اوسعٌ، وهِباتُه مستمرةٌ، وعطاؤُه لا ينقطعُ، فبينَ أيدينا مواسمُ متواليةٌ، وخيراتٌ متوافرةٌ، فمن الصيام صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الإثنين والخميس، وصيام يوم وإفطار يوم؛ وذلك صيام داود -عليه السلام-، ومن الصلاة قيام الليل، وهو أفضل الصلاة بعد الفريضة، وربُّنا -جلَّ وعلا- يَنزِل في كل ليلة إلى السماء الدنيا، في رمضان وفي غيره، نزولًا يليق بجلاله وعظمته، حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الْمَلِكُ، مَنْ ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيَه؟ مَنْ ذا الذي يستغفرني فأغفرَ له؟ فلا يزال كذلك حتى يُضِيءَ الفجرُ"(رواه مسلم). وأعظمُ الأعمالِ المحافَظةُ على فرائض الله -عز وجل-؛ ففي صحيح البخاري: "وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء ،أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه"، وأحبُّ الأعمال إلى الله -تعالى- الصلوات الخمس، فمن حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ، ومَنْ لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يومَ القيامة مع قارون وفرعون وهامان".

فيا عبادَ اللهِ: سدِّدُوا وقارِبُوا، وأبشِروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، والقصدَ القصدَ تبلغوا، فقليلٌ دائمٌ ،خيرٌ من كثير منقطع، واعلموا -عباد الله- أن قبول الأعمال وكمالها بالنية، ولكل امرئ من الأجر بقدر ما نوى، وميزان صواب الأعمال ما كان عليه أمر المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، واعلموا أن دينكم إسلام ظاهر، وإيمان باطن، وإحسان وهو غاية منتهاه، بأن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم يكن ذاك فاعلم بأن الله يراك، واعلموا أن سداد اللسان وصلاح الأركان بسرِّ مكنونِ الجَنانِ. واعلموا -عباد الله- أن الدِّين وفاء الحقوق للخالق والمخلوق، وأن العصمة بالإسلام، والحساب على الله - تعالى-، وأن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّبًا. 

أيها المسلمون: دَعُوا الرِّيَبَ واجتنِبوا الغضبَ، واتركوا ما لا يعينكم في دنياكم ولا أخراكم، وأحسِنوا في كل شيء، واتقوا الله حيثما كنتم. واحفظوا الله يحفظكم، وسلوه يجبكم، واستعينوا بالعلي القدير، واعلموا أن الحوادث مقادير، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، فما هي إلا أعمال تُحصى فتُوفَى، وعليكم بالسنن الواضحات، وإيَّاكم والمحدَثات، واعلموا أن مكب النيران حصائد اللسان، وكونوا عباد الله إخوانا. واعلموا أن الله يقول: "يا ابن آدم، إنك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كان منكَ ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغَتْ ذنوبُكَ عَنانَ السماء، ثم استغفرتَني غفرتُ لكَ، يا ابن آدم، إنكَ لو أتيتَني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابها مغفرةً".

معشر المؤمنين:

إذا اجتمعت عبادات للمسلم ولو في غير رمضان نال الجنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "مَنْ ‌أَصْبَحَ ‌مِنْكُمُ ‌الْيَوْمَ ‌صَائِمًا؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَا، قَالَ: "فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَا، قَالَ: "فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَا، قَالَ: "فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ"(رواه مسلم). والموفَّق مَنِ اغتنَم الفرصةَ قبل أن يحال بينَه وبينَها؛ فجعل العامَ كلَّه رمضان، يُسارِع فيه إلى الخير ويُسابِق إلى الطاعة، فإن الإقبال على الله ليس له زمانٌ ولا موسمٌ، وما تمضي من عمر المؤمن ساعةٌ من الساعات إلَّا ولله فيها عليه وظيفةٌ من وظائف الطاعات، فالمؤمنُ يتقلَّب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مولاه وهو راجٍ خائفٌ. وأن الأعمال الصالحة ،لا تنفع إلا مِنْ قلبٍ سليمٍ ونَفْسٍ مُخبِتةٍ، والعاقل مَنْ يعتني بصلاح قلبه على الدوام، ويتفقد سريرته وباطنه في جميع الأزمان، والنية الصالحة يؤجَر معها العبدُ حتى على أكله وشربه ونومه، وتصبح الطاعة الواحدة ،في حقه طاعات كثيرة، قال عليه الصلاة والسلام: "إنكَ لن تُنفِق نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها، "(متفق عليه).

 واعلموا إخوةَ الإسلام :

 أن من الأعمال الصالحة المداوَمة والإكثار من الصلاة على النبي المختار؛ حيث أمرَكم الله بالصلاة والسلام عليه فقال - عزَّ مِن قائِلٍ -: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].وقال صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ» (رواه النسائي وصححه الألباني)  اللهم صَلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله، .  اللهُمَّ ارضَ عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلِيّ، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين.ــ اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واذل الكفرة والملحدين ، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح حال إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم آمِنْ روعاتِهم، اللهم احقن دماءهم، واشفِ مرضاهم، وتقبَّل شهداءهم، ، اللهم كن لهم معينًا ونصيرًا، ومؤيِّدًا وظهيرًا، اللهم طهِّر المسجدَ الأقصى من اليهود المحتلين، اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم القيامة،  اللهم ادفع عنا الغلاء والوبأ ،والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء، اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل، اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من الهالكين ، الله سقيا رحمه لا سقيا عذاب اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا،  (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]. سبحان ربِّك ربِّ العزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين..


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة