U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة من الحرم المكي 16 ذي الحجة 1443

خطبة الجمعة من الحرم المكي 16 ذي الحجة 1443

ألقى فضيلة الشيخ د/ بندر بليلة  من منبر الحرم المكي بمكة المكرمة خطبة الجمعة 16 ذي الحجة 1443هـ عنوان الخطبة العطايا والمنح  لحجاج بيت الله الحرام أمتب ما جاء فيها .

صورة الشيخ /بندر بليلة

عنوان الخطبة العطايا والمنح لحجاج بيت لله الحرام

الخطبة الأولى: 

الحمد لله، الحمد لله بنعمته تتم الصالحات وتنثال، وبرحمته تُنال البركات وتنهال، جذَب إلى بيته قلوبَ العباد الأنجاب، وسهَّل لهم السبيلَ في الذهاب والإياب، فرجعوا بجزيل العطايا وجليل النوال، أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ولا ند ولا مثال، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صاحب الوسيلة والفضيلة والمقام العال، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله والصحب والآل، والتابعين وتابعيهم بإحسان ما توالت البكر والآصال. 

أما بعدُ: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله -رحمكم الله-، وتهيئوا للارتحال فقد شُدَّت بكم الرحالُ، واستعِدُّوا للمآل، فقد كذَبَت الآمالُ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]. 

أيها المسلمون، أيها الحُجَّاج المبارَكون: بقدر الكدّ تُكتسَب الرُّتب، والمسبَّب يكون بحسب السبب، ها أنتم قد أنفقتُم كرائمَ الأموال والأوقات، فنعمتم ببلوغ أعظم المساجد وأكرم المقامات، وأتممتُم خامسَ أركان الإسلام، وأجبتُم دعوةَ الخليل إبراهيم -عليه السلام- فهنيئًا لكم هذه المنة العظيمة، والمنحة الكريمة، وتوَّج اللهُ عملَكم بالقَبول، وختَمَه بخاتم المغفرة ودَرْك المأمول. 

حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: لقد غنمتُم من الحج أنفسَ المكاسب، ونهلتُم منه أهنأ المشارب، رأيتُم قيامَه على التوحيد، واطِّراحه للشرك والتنديد، فلا يُعبَد إلا اللهُ وحدَه، ولا يُدعى غيرُه، ولا يطاف ويُنحَر إلا له -جل جلاله-، أفدتُم من الحج كبحَ النفس عن الوقوع في العصيان، والانزلاق في مصائد الشيطان، والصبر على طاعة الرحمن، فإيَّاكم والانتكاسَ بعد الاهتداء، والارتكاسَ بعد الاصطفاء، وخلعَ ثوب الطُّهر والنقاء، استقِيموا على الأوامر، واجتنِبوا المعاصيَ والزواجرَ، قال تعالى مخاطِبًا نبيَّه -صلى الله عليه وسلم-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)[هُودٍ: 112]، وقال سفيان بن عبد الله -رضي الله عنه-: "يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدَكَ. قال: قُلْ: آمنتُ بالله فاستَقِمْ" أخرجه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تُحصُوا"(أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه). 

ومَنْ يعتصِمْ باللهِ يَسلَمْ مِنَ الرَّدَى *** ومَنْ يَستَقِمْ هيهاتَ أَنْ يتندَّمَا

معاشرَ الفضلاءِ: لئن قرَّت في الأيام السالفات الفاضلات عيون، وصفَتْ قلوبٌ، وانشرحت صدورٌ، فذلك فضلُ الربِّ، ونسيم القُرب، حين أقبَل العِبادُ عليه، وتقرَّبوا بالطاعات إليه، الإيمان والطاعة غاية الغايات، ومستودَع البشائر والمَكرُمات، والسير إلى الله وتلمُّس مراضيه جزاء معجَّل وافر، ونعيم كريم حاضر، والمؤمنون هم أحسنُ الناس حالًا، وأهنأهم بالًا؛ قال سبحانه: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[يُونُسَ: 62-64]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)[النَّحْلِ: 30]. 

ألا ما أجمل الطاعة تتلوها الطاعة، وما أحسن الحسنة تعقبها الحسنة، إقامة فريضة، ولزوم سُنَّة وذِكْر لله -تعالى-، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا)[الْإِسْرَاءِ: 19]. 

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم. 

الخطبة الثانية: 

الحمد لله حمدًا لا انتهاءَ لعدده، ولا انقضاءَ لأمده، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان وسلَّم تسليمًا كثيرًا. 

أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-، واعملوا أن من مقتضى عَقْد الإيمان الذي لا يتم إلا به، محبة الله -سبحانه-، محبة تتضمَّن عبادتَه وحده دون من سواه؛ ذلك أن العبودية قامت على ساقين، لا قوام له بدونهما، غاية الحب مع غاية الذل، ولا يصح ذلك إلا لله -عز وجل- وحده، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)[الْبَقَرَةِ: 165]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان... ومنها: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"(أخرجه البخاري ومسلم)، ومنزلة العبد من ربه بقَدْر حُبِّه له، وخضوعه لأمره، واجتنابه لنهيه. ثم أختتم فضيلته تلك الخطبة بالصلاة والسلام على رسول لله صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء ...

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة