U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما

 الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما 

هي الصديقة بنت الصديق أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته. أما أمها فهي أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان»، ظفرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها  بألقاب لم تظفر بها غيرها من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ( عائش والحميراء، وأم عبد الله، والموفقة، وبنت أبي بكر، وابنة الصديق وأم المؤمنين ) .

صورة الكتاب خير جليس

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

كانت الصديقة رضي الله عنها وأرضاها أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت شديدة الغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحين كانت تجمح بها غيرتها كان يوسع لها العذر فيقول صلى الله عليه وسلم : «ويحها لو استطاعت ما فعلت!». وقد يسألها أغِرت ؟ فتجيبه رضي الله عنها : وما لي أن لا يغار مثلي علي مثلك! ولاستئثارها بحب النبي صلي الله عليه وسلم، كان سائر نسائه يغرن منها، وانتهى بهن الأمر يوما أن يلتمسن من الزهراء فاطمة رضي الله عنها أن تكلم أباها في الأمر فاستجابت. ودخلت على أبيها فقالت :ىا أبي إن نساءك أرسلنني إليك، وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقال لها صلى الله عليه وسلم :أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟ قالت بلى، قال : فأحبي هذه! فعادت إليهن فأخبرتهن بالذي سمعت من أبيها صلى الله عليه وسلم وقالت : والله لا أكلمه فيها أبدا. وقد اشتهرت رضي الله عنها بالحياء والورع الشديدين حتى إنها كانت تستحي من عمر رضي الله عنه وهو في قبره، قالت: كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي فأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم، والله ما دخلت إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر. ثم إنها كانت رضي الله عنها فرحة مرحة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وباقي زوجاته الكرام، روى الهيثمي وغيره في مجمع الزوائد عنها قالت : «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بحريرة وقد طبختها له، فقلت لسودة، والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها: كلي فأبت، فقلت: لتأكلين أو لألطخن وجهك فأبت، فوضعت يدي في الحريرة فطليت وجهها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فوضع بيده لها، قال لها: الطخي وجهها ففعلت فضحك النبي صلى الله عليه وسلم». وكانت رضي الله عنها كريمة كرمًا مميزًا، حتى إنها تنفق آلاف الدراهم  وتنسى نفسها. وربما كانت صائمة! ومن عادتها أن تضع الدرهم أو الدينار في الطيب قبل أن تتصدق به، وتقول إنه يقع في يد الله سبحانه وتعالى قبل أن يقع في يد الفقير والمسكين والمحتاج. روى البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه، قال: لما كان يوم أحد، انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانه في أفواه القوم. أما عن علمها رضي الله عنها فكانت أفقه نساء المسلمين، وأعلمهن بالدين وأصوله وفروعه، ولا يحدث لها أمر إلا أنشدت فيه شعراً. فهي أكثر أمهات المؤمنين رواية عنه صلى الله عليه وسلم، ولها خطب وآراء حديثية دقيقة مشهودة، جمعها كتاب «الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة». كان عَطاء بن أبي رَباح يقول: كانت عائشة أَفقَه الناسِ، وأعلم الناسِ، وأحسَن الناس رأيًا في العامَّة. وقال أبو موسى: ما أَشكَل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها فيه عِلمًا. كانت رضي الله عنها مجتهدة، صادعة بالحق لا تحابي أحدا، ولا تخاف في الله لومة لائم. كتبت إلى معاوية وهو ملك قالت: «إلى معاوية، سلام عليك، أما بعد فإني سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليكم».

أما مناقبها رضي الله عنها جمة، ولعل أوثقها على الإطلاق قول رسول الله عليه وسلم حين سئل: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة. قال: فمن الرجال؟ قال: أبوها. وقوله صلى الله عليه وسلم : فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ. أما واقعة الإفك، وإن كان فيها من المحنة والحزن لها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان، فقد أبانت عن عنصر الصديقة وفضلها،  ذلك أنها لم تزد على أن قالت: لن أقول إلّا ما قاله يعقوب : «صبر جميل والله المستعان على ما تصفون». فما لبثت أن نزل الوحي بتبرئتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك»، وأعلى الله ذكرها ورفع درجتها، بقرآن يتلى في شأنها إلى يوم القيامة. ولما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[4]، بدأ بعائشة فقال: «يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحبُّ ألا تَعجَلِي فيه حتى تَستَشِيري أبوَيْك»، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيكَ يا رسول الله أستشير أبويَّ؟! بل أختار اللهَ ورسولهَ والدارَ الآخرة».

ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وعاد إلى المدينة، وقد اشتاق إلى لقاء ربه. ومرض وتم تمريضه صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة، وعندما دنت ساعة الرحيل، ضمته عائشة إلى صدرها، وكان في يدها سواك من الأراك تستاك به، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يريده، فأعطته إياه فتناوله وشاص به أسنانه، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، وجمع بين ريقي وريقه ) . قال الحافظ ابن حجر: ومات النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولها نحوُ ثمانيةَ عشَر عامًا، وقد حفِظَت عنه شيئًا كثيرًا، وعاشت بعده قريبًا من خمسين سنة، فأكثرَ الناسُ الأخذَ عنها، ونقَلوا عنها من الأحكام والآداب شيئًا كثيرًا حتى قيل: إنَّ ربع الأحكام الشرعيَّة منقولةٌ عنها. توفيت رضي الله عنها زمن معاوية رضي الله عنه ليلة الثلاثاء، السابع عشر من رمضان، سنة ثمان وخمسين من الهجرة، وهي ابنة ست وستين سنة، بعد مرض ألم بها وأوصت أن يصلي عليها أبو هريرة. ودفنت رحمة الله عليها بالبقيع من ليلتها بعد صلاة الوتر، بحسب وصيتها لعبد الله ابن الزبير رضي الله عنه، حيث قالت له: ادْفِنِّي مع صَواحِبِي، ولا تَدْفِنِّي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في البَيْتِ، فإنِّي أكْرَهُ أنْ أُزَكَّى. رضي الله عن الصديقة بنت الصديق، ورزقنا محبتها وتعظيمها وتوقيرها، وصلى الله على رسول الله وآله وصحبه وسلم.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة