U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة من الحرم المكي 25 محرم 1443

خطبة الجمعة من الحرم المكي 25 محرم 1443

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني من منبر الحرم المكي بمكة المكرمة خطبة الجمعة 25 محرم 1443 بعنوان نعمة العودة للدراسة، تحدث فضيلته عن النعمة العظيمة باستئناف الدارسة حضوريا وكذلك المكانة الأسمى للعلم والعلماء ووجه رسالة للمعلمين والمعلمات ، أكتب ما جاء فيها...

صورة الشيخ عبدالله الجهني وهو في المنبر

عنوان الخطبة نعمة العودة للدراسة

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، أعطى فأكرَم، وأجزَل فأنعَم، وأمات وأحيا، وأضحك وأبكى، له الكبرياء في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم، وأصلِّي وأسلِّم على المحبوب الذي هدى اللهُ به القلوبَ، صلَّى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين.

أما بعدُ: فاتقوا الله -تبارك وتعالى- أيها المسلمون وراقِبوه، وأطيعوا أمرَه ولا تعصوه؛ (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النِّسَاءِ: 131]، فبتقوى الله تُنال ولايةُ الله، وبها يَحصُل الفلَاحُ، وبها الخروج من كل محنة، وبلوغ المنزلة الرفيعة، والفوز بالجنة والنجاة من النار.

عبادَ اللهِ: نحمد الله ذا الفضل والنعم، على ما يسَّر وأنعم علينا من نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، ومن تلكم النِّعم ما نعيشه في هذه الأيام، من استئناف الدراسة حضوريًّا، وعودة المعلمين والمعلمات والطلاب إلى مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، في منظر جميل، ومشهد زاهٍ يسر الناظرينَ، نعم، إنه منظر العز والرفعة والكرامة، قال تبارك وتعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[الْمُجَادَلَةِ: 11]؛ فالعلمُ أشرفُ ما رَغِبَ فيه الراغبُ، وأفضلُ ما طلَب وجَدَّ فيه الطالبُ، وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسبُ، وهو تركةُ الأنبياء وتراثُهم، وهو حياةُ القلوبِ، ونورُ البصائرِ، وشفاءُ الصدورِ، ورياضُ العقولِ، ولذةُ الأرواحِ، وأُنسُ المستوحشينَ، ودليلُ المتحيرينَ، وهو الميزان الذي تُوزَن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوالُ، به يُعرَف اللهُ ويُعبَد، ويُذكَر ويوحَّد، ويُحمَد ويمجَّد، واستشهد الله بأهل العلم على أجَلِّ مشهودٍ به؛ وهو التوحيد، وقرَن شهادتهم بشهادته، وشهادةِ ملائكته، وفي ضمن ذلك تعديلُهم، فإنه لا يستشهد بمجروح، والعلمُ حجةُ الله في أرضه، ونور بين عباده، وقائدُهم ودليلُهم إلى جنته؛ قال تبارك وتعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آلِ عِمْرَانَ: 18].

أيها المسلمون: من المصالح الضرورية والحاجيات الملِحَّة، التي تقوم عليها حياة الأمم أفرادًا وجماعات العلمُ والاهتمامُ به، فبالعلم تتقدَّم الشعوب والحكومات، وبغيره لا يصلح أمرُها ولا يقوى شأنُها، والناس إلى العلم أحوجُ منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرةً أو مرتينِ، وحاجتُه إلى العلم بعدد أنفاسه.

وما أحوجَنا ونحن في بداية عامنا الدراسي الجديد أن ننبِّهَ أبناءنا الطلاب وبناتِنا الطالبات إلى آداب العلم، وأولُ تلكم الآداب تقوى الله، والإخلاص له، والتحلي بالصبر، وتحمُّل المشاقِّ، وسعةُ الصدر، والتواضع والحَذَر من الكِبر والغرور، والتأدب مع المعلِّم والمعلمة بحُسن الإنصات والإصغاء بلباقة في النِّقَاش ولِين الجانب.

ورسالتي إليكَ أيها المعلم وأيتها المعلمة أن تتقوا الله -تبارك وتعالى- فيمن تحتَ أيديكم من الطلاب والطالبات، وعليكم بالاقتداء بأول معلِّم لهذه الأمة؛ وهو النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقد كان بأبي هو وأمي خيرَ معلِّم، كان حليمًا رحيمًا رفيقًا رقيقًا، يُيسِّر ولا يُعسِّر، يُبشِّر ولا يُنفِّر، طليق الوجه، دايم البشر والسرور، فتأسَّوْا به، فلقد شُرِّفتُم برسالة الأنبياء والرسل، ممَّا يُوجِب عليكم القيامَ بمسؤولياتكم التعليمية، وواجباتكم التربوية، أسأل الله لي ولكم الهدى والسداد.

ورسالتي إلى الآباء والأمهات أن يتقوا الله -تبارك وتعالى- فيما استرعاهم، قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ رجلٍ عمَّا استرعاه؛ أَحِفَظَ ذلك أم ضيَّعَه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته". رواه ابن حبان وإسناده حسن.

علِّموا أبناءكم وبناتكم -رعاكم الله- ما للمعلمين وما للمعلمات من حقوق، علِّموهم التأدُّبَ قبل أن يجلسوا في مجالس العلم، اغرسوا في قلوبهم حب العلم والعلماء، وتوقير المعلمين والمعلمات، وأن ذلك قربة إلى الله -تبارك وتعالى-، تنال به مرضاته، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[الْبَقَرَةِ: 282].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وبهدي سيد المرسَلين، قلتُ ما سمعتُم، شاكرًا لربي ممتنًّا لفضله، وحامدًا له، على عظيم آلائه، ومستغفِرًا إياه لي ولكم، ولوالديَّ ولوالديكم، وللمؤمنين والمؤمنات من كل ذنب وخطيئة، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، الهادي إلى إحسانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ: فاتقوا الله -تبارك وتعالى- حقَّ التقوى، واستمسِكوا بلا إله إلا الله؛ فإنها العروة الوثقى، واحذروا المعاصي، فإن أبدانكم على النار لا تقوى، وتواضَعوا لله؛ فإن مَنْ تواضَع لله رفعَه، ومَنْ تكبَّر على الله وضعَه، ومَنْ زرعُه التقوى حَمِدَ عند الحصاد ما زرع، واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ونحمد الله -تعالى- حمدًا مزيدًا واصبًا، على ما أنعم علينا من انحسار هذا الوباء في بلادنا، وبلوغه إلى مستويات متدنية، ثم أهيب بإخواني المسلمين بأهمية الالتزام بالتحصين، والمبادَرة في أخذ الجرعات المقرَّرة من اللقاح الوقائي -بإذن الله تبارك وتعالى-، والالتزام بالإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، والاشتراطات الصحية من الجهات المعنيَّة؛ حفاظًا على سلامة وصحة أبنائنا الطلاب والطالبات، والحذر من الشائعات حيالَ هذه اللقاحات، واللهُ المسؤولُ أن يرزق الجميعَ العلمَ النافعَ والعملَ الصالحَ، وأن يُوفِّق أبناءنا وبناتنا، ويكتب لهم التوفيقَ والصلاحَ والنجاحَ والفَلَاحَ، ويجزيَ المعلمينَ والمعلمات والآباء والأمهات خيرًا، ويُعِينَهم على أداء رسالتهم، ودَورِهم الرياديِّ في خدمة أوطانهم؛ لتتمَّ مسيرةُ التعليم بكل تميُّز وتطوير، إن ربي جواد كريم. أختتم فضيلته تلك الخطبة بالدعاء ..

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة