U3F1ZWV6ZTM1NTgxMTY5NjA2OTA3X0ZyZWUyMjQ0NzY3ODUyMjQwMg==

خطبة الجمعة من المسجد النبوي 25 محرم 1443

خطبة الجمعة من المسجد البنوي 25 محرم 1443

ألقي فضيلة الشيخ / عبداللع البعيجان من منبر المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة 25 محرم 1443 بعنوان المكانة الهامه للعلم والعلماء، تحدث فضيلته عن نعمة تحصيل العلم من أعظم النعم والتعليم أساس التربية وأصلها  وعلى الآباء والأمهات مسئولية تربية الأبناء ، وحث أولياء الأمور على وجوب تعليم أبنائهم و الوصية بالحرص على طلب العلم وتحصيله أكتب ما جاء فيها ..

صورة الشيخ عبدالله البعيجان وهو في المنبر


عنوان الخطبة المكانه الهامه للعلم والعلماء

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألَّا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء؛ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى أهله وصحبه ومَنْ دعا بدعوته واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين.

أما بعدُ: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وأحسن القَصص القرآن، وأفضل الهدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله: اتقوا الله فيما أمَر، وانتهوا عما نهى عنه وزجَر؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

معاشرَ المسلمينَ: إن الله -تعالى- قد أكرَم الإنسانَ فمنَحَه موهبةً يقتبس بها العلمَ، وعلَّمَه بالقلم ما لم يعلم، ومنحَه العقلَ والبيانَ، وكلَّفه وخاطَبه بالحجة والبرهان، وشرَّفه بالعلم، ففضَّله على كثير ممَّن خلَق تفضيلًا، واستخلفه في الأرض بالعلم، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 30-33].

عبادَ اللهِ: لقد أمَر اللهُ نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- أن يسأله الزيادةَ من العلم فقال: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[طه: 114]، قال ابن حجر -رحمه الله-: "وفي هذا دلالة على فَضْلِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‌بِطَلَبِ ‌الِازْدِيَادِ ‌مِنْ ‌شَيْءٍ إِلَّا مِنَ الْعِلْمِ"، ومجالس العلم عباد الله هي رياض الجنة، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ ‌فَارْتَعُوا" قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: "حِلَقُ الذِّكْرِ"(رواه الترمذي).

وأخبر عليه الصلاة والسلام أن العلماء هم ورثة الأنبياء فقال: "إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ ‌لَمْ ‌يُورِّثُوا ‌دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"(رواه أبو داود).

معاشرَ المسلمينَ: إن التعليم هو أساس التربية وأصلها، فبه تُهذَّب الأخلاق وتُغرَس القيم، وبه معالجة الأخطاء، وتصحيح المفاهيم وتقويم الاعوجاج، العلم هو الحصن المنيع، والأساس الراسخ، فبه الأساس والصمود والرسوخ إذا ماجَت الفتن والمحن، العلم وسيلة الإصلاح، وطريق النجاح، وسبب الفوز والفلَاح، وأشرفُ ما يُتحلَّى به في الوجود، وأحسن ما يَتفضَّل اللهُ به على عباده ويجود، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[الْمُجَادَلَةِ: 11].

العلم ميزان الأخلاق والقيم، ومعيار الفضل وسُلَّم الارتفاع إلى القِمم، وباعث الأمل، ومُنهِض الأمم، رفَع اللهُ به أقوامًا فتقدموا، وحرَمه أقوامًا فتأخَّروا؛ (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزُّمَرِ: 9]، أكرم الله أهله بخاصية أن قرن ذكرهم بذكره، وأشهدهم على وحدانيته فقال: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ)[آلِ عِمْرَانَ: 18]، فهم أهل الخشية والاصطفاء، (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فَاطِرٍ: 28].

أيها الأولياء: أنتم مسئولون شرعًا عن تعليم وتربية الأبناء، فاجتهِدوا في واجبكم، وابذلوا النصح والتوجيه لأبنائكم، وتفقَّدوا وراقِبوا وتابِعوا برامج تعليمهم وتحصيلهم، وساعِدوا المدرسين والمربين في تعليمهم وإرشادهم، وفِّروا لهم الظروف المناسبة، والأدوات اللازمة قدر الإمكان، لعل الله أن يرزقكم بذلك ولدًا صالحًا، ويرزقهم علمًا نافعًا؛ فإن ذلك من أعظم القربات، وأجلّ الطاعات، ومن الباقيات الصالحات، والصدقة الجارية بعد الممات، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا ‌مَاتَ ‌الْإِنْسَانُ ‌انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"(رواه مسلم).

فاحرصوا على تعليم وتربية أبنائكم، وساعدوا الجهات التعليمية بما فيه صلاح لهم، وبناء لمجتمعهم؛ فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.

عبادَ اللهِ: خذوا بأسباب صلاح أبنائكم، بتعليمهم وتربيتهم، وملء أوقات فراغهم بالمفيد، وحثِّهم على الخير والطاعات، وقراءة القرآن، لعلَّكم تُرحمون بدعائهم وهدايتهم، فلا تدرون أيهم أقربُ لكم نفعًا.

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفِر اللهَ فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

عبادَ اللهِ: تعلموا العلم؛ فإن تعلُّمَه لله -تعالى- خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلم صدقة، وبذله لأهله قربة، وقد سخر الله لكم الوسائل، وهيأ لكم الظروف المناسبة، ويسَّر لكم الأدوات والتقنية الحديثة، وسخَّر لكم أجهزة الاتصال، ومنصَّات التعليم عن بُعد، فلا عذر لأحد في الانقطاع عن التعليم، فكل الوسائل متاحة، والحجة قائمة، وقد كان سلفنا فيما مضى يكابدون الحرمان، والغربة عن الأوطان، ويتجشمون كل مشقة وصعب، ويصبرون على اللأواء والنَّصَب، والقسوة وضيق العيش والتعب، في سبيل تحصيل العلم والطلب، فسبقوا الأمم واعتلوا القمم.

أيها المعلمون والمعلمات: هنيئًا لكم؛ فأنتم خلَف الأنبياء والمصلحِين في القيام بمهمة التعليم، فقد بعَث اللهُ الأنبياء معلِّمين، هنيئًا لكم باصطفائكم لصحبة العلم وخدمته ونشره، وبذل الخير وتعليمه للناس، هنيئًا لكم فأنتم تُغبَطون على هذا العمل، فأخلِصوا النية واحتسِبوا الأجرَ؛ (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ)[الْمُزَّمِّلِ: 20]، وهنيئًا لكم الأجر العظيم من رب العالمين، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ ‌دَعَا ‌إِلَى ‌هُدًى، ‌كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا"(رواه مسلم).

أخلِصوا النية، وتحمَّلوا المسئولية، فأبناء الجيل أمانة في ذممكم، ومستقبل الأمة متعلِّق بمسئولياتكم، فاللهَ اللهَ في رعيتكم، اغرِسوا فيهم الدينَ والقيمَ، وحبِّبوا لهم العلمَ، ربُّوهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق، وأبشِروا بالرفعة في الدنيا والآخرة، إن شاء الله.

أيها الناس: صحة الأبدان وعافيتها من النعم التي منَّ اللهُ -تعالى- علينا بها، وأوجَب الحفاظَ عليها، وذلك باتخاذ أسباب الوقاية الصحية، والإجراءات الاحترازية، والتدابير الوقائية، فتوكلوا على الله، وافعلوا الأسباب، وبادِروا بأخذ جرعتَي اللقاح، حفاظًا على سلامة وصحة الأبدان، واحذروا من الإشاعات حيالَ ذلك، فأهمُّ الأسباب الصحية الوقائية هي أخذ اللقاحات الطبية، التي من شأنها تعزيز المناعة والوقاية، أو تخفيف آثار الإصابة -بإذن الله-، فتداوَوْا عبادَ اللهِ؛ فإن الله لم يضع داء إلا ووضع له دواء، وجعل منه شفاء، إلا الهرم؛ فإنه طريق الفناء، و(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)[الرَّحْمَنِ: 26-27]. أختتم فضيلته تلك الخطبة بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء..

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة